سوريا تقع في إقليم بلاد الشام شمال غرب قارة آسيا وهو منطقة استراتيجية تتوسط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا ما جعلها جسراً طبيعياً للتواصل بين هذه القارات تعد بلاد الشام من أقدم المناطق المأهولة في العالم إذ اكتشفت بها آثار يعود تاريخها إلى 8000 سنة قبل الميلاد وتنتشر في سوريا أكثر من 4500 موقع أثري يمثل إرثاً لنحو 40 حضارة إنسانية
تميزت بلاد الشام بموقعها الجغرافي الفريد مما جعلها محط أطماع القوى العظمى عبر التاريخ وقد تعاقبت عليها حضارات عديدة منها البابلية والآشورية والفارسية والبيزنطية وكل حضارة تركت بصمتها على المنطقة من آثار وثقافات ولغات مما أكسبها تنوعاً تاريخياً فريداً
انتشر الإسلام في سوريا بعد هزيمة البيزنطيين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب لتصبح جزءاً من دولة الخلافة الراشدة لاحقاً أصبحت دمشق عاصمة الدولة الأموية ومركزاً للفتوحات الإسلامية وشهدت البلاد ازدهاراً خلال العهد العباسي لكنها تعرضت لاحقاً لحملات صليبية ثم تحررت على يد صلاح الدين الأيوبي لتصبح جزءاً من الدولة الأيوبية حكم المماليك المنطقة وقاوموا المغول والصليبيين حتى أصبحت بلاد الشام جزءاً من الدولة العثمانية حيث ازدهرت دمشق وحلب كمراكز تجارية ودينية
كانت بلاد الشام مركزاً تجارياً مهماً بفضل موقعها الاستراتيجي وأسواقها وموانئها وقد أشارت الأحاديث النبوية إلى بركة هذه الأرض وأهميتها في حماية الدين
بعد سقوط الخلافة العثمانية في بداية القرن العشرين قُسمت بلاد الشام بموجب اتفاقية “سايكس بيكو” وأصبحت سوريا كياناً ذا حدود مصطنعة ورغم ذلك يظل الانتماء للأمة الإسلامية جزءاً أساسياً من هوية أهلها
جغرافية سوريا:
سوريا تقع غرب آسيا تحدها تركيا شمالاً العراق شرقاً الأردن وفلسطين جنوباً ولبنان والبحر المتوسط غرباً عاصمتها دمشق وتتألف من 14 محافظة أبرزها حمص وحلب ودمشق وريفها
موارد سوريا:
تمتاز سوريا بتربتها الخصبة ومراعيها وغاباتها إلى جانب ثرواتها الطبيعية كالنّفط والغاز والحديد الخام هذه الموارد تجعلها مؤهلة لتكون من الدول المزدهرة في حال استغلالها بشكل كامل
السكان:
يتراوح عدد سكان سوريا بين 22-26 مليون نسمة حيث غادر نحو 8 ملايين البلاد بعد الثورة في 2011 وبقي حوالي 16 مليون داخلها تعد الغالبية العظمى من السكان من العرب المسلمين السنة (80%) إلى جانب أقليات كردية وشركسية وأخرى فضلاً عن طوائف مسيحية ويهودية وعلوية ودرزية التي كانت تعيش بسلام في الماضي
آل حكم سوريا إلى عائلة الأسد بعد سلسلة من الأحداث التاريخية المفصلية:
- الانتداب الفرنسي: بعد سقوط الدولة العثمانية عام 1918م وفرض الانتداب الفرنسي عام 1920م بموجب اتفاقية سايكس بيكو شجّع الفرنسيون الأقليات مثل العلويين والدروز على الانضمام للجيش مما أدى إلى تعزيز نفوذهم
- تأسيس حزب البعث: تأسس حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1940م على يد قادة من الأقليات وتمكن الحزب من السيطرة على الحكم عبر انقلاب عسكري عام 1963م
- صعود حافظ الأسد: انضم حافظ الأسد إلى الجيش واستغل نفوذه كوزير دفاع لتقوية الطائفة العلوية داخل المؤسسة العسكرية نفذ انقلاباً عام 1970م أطاح خلاله برفاقه في حزب البعث وبالرئيس نور الدين الأتاسي وأسس حكمه الطائفي
حافظ الأسد المولود عام 1930م في القرداحة بالساحل السوري ينتمي إلى الطائفة النصيرية (العلويين) التي تبنت معتقدات بعيدة عن الإسلام أسس نظاماً طائفياً سيطر فيه العلويون على مراكز القرار مع منح مناصب شكلية لضباط من طوائف أخرى بذلك أحكم سيطرته وأفشل أي محاولات انقلابية ضد حكمه
خيانة الجولان وبائع القضايا:
في حرب 1967م امتنع الأسد وزير الدفاع آنذاك عن دعم الجيوش العربية وأمر بالانسحاب من الجولان قبل سقوطها مما مهد الطريق لاحتلالها من قبل إسرائيل
أبرم اتفاقًا غير معلن مع إسرائيل يضمن بقاءه في السلطة مقابل التزامه بحماية حدودها
ملخص حرب حافظ الأسد على الإخوان المسلمين:
استخدم حافظ الأسد العنف المفرط لتصفية معارضيه خاصة من المسلمين السنة وواجه محاولات الإخوان المسلمين لإسقاط حكمه بارتكاب مجازر وحشية:
- مجزرة تدمر (1980م): قتلت سرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد أكثر من ألف سجين معظمهم من السنة بعد اتهامهم بالانتماء لجماعة الإخوان
- قانون الإعدام: أصدر الأسد قانونًا يعاقب بالإعدام كل من ينتمي لتنظيم الإخوان المسلمين واعتقل آلاف الأشخاص بذريعة الانتماء للتنظيم
- مجزرة حماة (1982م): قصف الأسد المدينة ودمر أحياءها بشكل كامل مما أدى إلى مقتل حوالي 40 ألف شخص وتدمير مئات المنازل والمساجد والمرافق
مجازر خارج سوريا:
شارك الأسد في مذبحة تل الزعتر (1976م) التي راح ضحيتها أكثر من 4,000 فلسطيني
صمت عن مجازر صبرا وشاتيلا (1982م) ودعم مجازر حركة أمل الشيعية ضد الفلسطينيين (1985م)
ملاحقة المعارضة:
امتد إجرام الأسد إلى خارج سوريا حيث اغتال شخصيات معارضة منها بنان الطنطاوي زوجة عصام العطار (المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية سابقًا) عام 1981م في ألمانيا
إرثه المظلم:
حكم الأسد سوريا بالقمع والبطش حتى وفاته عام 2000م تاركًا وراءه إرثًا من القتل والدمار وواقعًا مزريًا من الفقر والتخلف واستلم بعده ابنه الجزار الحكم وسار على نهج أبيه
2 الجذور والخلفيات التاريخية
الأوضاع السياسية قبل عام 2011
بشار الأسد ونشأته:
ولد بشار الأسد الابن الثالث لحافظ الأسد وأنيسة مخلوف في 11 أيلول 1965 في دمشق بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل في حادث سير بدأ والده بإعداده للحكم درس الطب في جامعة دمشق ثم أكمل تخصصه في طب العيون في لندن حيث التقى زوجته أسماء الأخرس تزوجها عام 2000 وأنجب منها ثلاثة أبناء
صعوده إلى الحكم:
بعد وفاة والده حافظ الأسد في يونيو 2000 عُدّل الدستور بسرعة لخفض سن الرئيس إلى 34 عامًا مما أتاح لبشار تولي الرئاسة في نظام جمهوري تحول عمليًا إلى وراثي استهل حكمه بوعود بالإصلاح والحرية لكن هذه الوعود سرعان ما انهارت
سوريا قبل الثورة:
رغم الآمال التي علّقها الشعب على عهده عاد بشار سريعًا إلى سياسات القمع التي ميزت حكم والده أغلق المنتديات السياسية شنّ حملة اعتقالات واسعة وحوّل التركيز إلى “إصلاح اقتصادي” متجاهلًا الإصلاح السياسي سيطر الفساد على جميع قطاعات الدولة من القضاء والتعليم إلى المؤسسات الدينية والإعلام
القمع والفساد:
- التعليم: حول نظام المدارس إلى أدوات لغسل الأدمغة مجبرًا الطلاب على المشاركة في الفعاليات الحزبية وفرض قيودًا على الحريات الدينية مثل منع الحجاب في بعض المناطق
- الدين: استبدل العلماء المستقلين برجال دين موالين للنظام ونشر التشيع بدعم إيراني مستغلًا الفقر والجهل في المناطق المهمشة
- الإعلام: استخدم الإعلام للدعاية و تعزيز الفتن وتلميع صورة النظام مع تقديم انتقادات سطحية للواقع لإيهام الشعب بوجود حرية
- الاقتصاد: سيطر رجال النظام على الثروات ما أدى إلى إفقار الشعب واختفاء الطبقة الوسطى تشير التقديرات إلى أن النظام هرب مليارات الدولارات إلى الخارج
وجه الخير في سوريا:
رغم قمع النظام بقي في سوريا قلوب مخلصة لله ورسوله وشباب ونساء يعملون بصمت لنشر الخير ومعلمون مخلصون يبذلون جهدهم لإحداث تغيير إيجابي سوريا كجزء من بلاد الشام ستظل أرضًا مباركة مليئة بالخير رغم كل التحديات
لقد فعل نظام “الأسد” منذ الثمانينات كل ما يمكن أن تفعله منظومة سلطة للقضاء عليهم
مذابح كثيرة غسيل عقول عبر جيوش مشايخ الضلال تشويه صورة المؤمنين والملتزمين في الإعلام ومطاردة داخلية وخارجية تهجير ونفي معاقبة العائلات والأسر وحرمانهم من الكثير من الوظائف والمناصب تجفيف المنابع الثقافية والإسلامية الصحيحة السيطرة على الخطاب الديني والسيطرة على الفن والدراما وحرف بوصلة الناس دعم التصوف المنحرف والتشيع ونشره بكل مكان
ثم ماذا حدث ؟ بدأت الثورة السورية وانتصرت ولله الحمد
الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية
- العامل الاقتصادي لم يكن السبب الأساسي لاندلاع الثورة إذ لم تكن ثورة تعبر عن جوع أو نقص في الموارد بحد ذاتها و يمكن اعتباره أحد العوامل التي ساهمت في تشكيل حالة من السخط العام كان الفساد الحكومي المستشري وانتشار الرشوة واحتكار السلطة الحاكمة لثروات البلاد من أبرز المشكلات التي زادت من شعور الناس بالظلم هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية خلقت مناخًا محفزًا للغضب الشعبي لكنها انضمت إلى أسباب أخرى مثل القمع السياسي وغياب الحريات في دفع الشعب إلى الانتفاض والمطالبة بالتغيير
- العامل الاقتصادي لم يكن السبب الأساسي لاندلاع الثورة إذ لم تكن ثورة تعبر عن جوع أو نقص في الموارد بحد ذاتها و يمكن اعتباره أحد العوامل التي ساهمت في تشكيل حالة من السخط العام كان الفساد الحكومي المستشري وانتشار الرشوة واحتكار السلطة الحاكمة لثروات البلاد من أبرز المشكلات التي زادت من شعور الناس بالظلم هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية خلقت مناخًا محفزًا للغضب الشعبي لكنها انضمت إلى أسباب أخرى مثل القمع السياسي وغياب الحريات في دفع الشعب إلى الانتفاض والمطالبة بالتغيير
الربيع العربي وانطلاق الثورة السورية:
- الربيع العربي:
بدأ في 2011م من تونس حيث أسقط التونسيون زين العابدين بن علي تلاه الشعب المصري في ثورة 25 كانون الثاني التي انتهت بتنحي الرئيس حسني مبارك انتقلت الثورة إلى اليمن حيث أجبر الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي في شباط 2012م بعد احتجاجات واسعة
أما في ليبيا اندلعت الثورة في شباط 2011 ضد معمر القذافي الذي قُتل بعد تدخل دولي رغم النجاحات الأولية عانت الدول من عواقب وخيمة كالحرب المستمرة في اليمن وليبيا ومآسي الانقلابات في مصر
تميز الربيع العربي بأمل الشعوب بالحرية لكنه واجه تحديات كبيرة بسبب الأنظمة القمعية والتدخلات الخارجية ما أدى إلى صراعات طويلة وآلام كبيرة كان أبرزها المأساة السورية
أما في سوريا فكانت الثورة هي الأطول والأكثر تعقيدًا
رغم نجاح الثورات في إسقاط الأنظمة لم تحقق تطلعات الشعوب بالكامل إذ ظلت أجهزة الدولة الفاسدة تعيق التغيير كما حدث في تونس ومصر وفي مصر دفع الشعب ثمنًا باهظًا في مجازر كبرى مثل رابعة العدوية وسُجن قادة الثورة منهم الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي توفي في سجنه بينما لا تزال اليمن وسوريا وليبيا تصارع لتحقيق الاستقرار
- الربيع العربي:
الثورة السورية:
السوريون كانوا مترددين بشأن الثورة ضد نظام الأسد إذ كانوا يخشون تاريخه الإجرامي واستعداده لارتكاب المزيد من المجازر والقمع ومع ذلك تأثروا بثورات الربيع العربي وبدأت رغبتهم في الحرية تنمو رغم الخوف النظام بدوره كان يراقب الموقف بحذر محاولًا منع أي احتجاجات
بداية الشرارة:
في 17 شباط 2011 وقعت حادثة عفوية في دمشق عندما اعتدى شرطي على شاب في السوق مما أثار تجمعًا شعبيًا، انتهى التجمع دون تدخل أمني خوفًا من تصعيد الأمور
ثورة درعا:
رد فعل النظام على احتجاجات أهالي درعا المطالبين بإطلاق سراح أطفالهم كان مليئًا بالسخرية والإهانة مما أشعل الغضب الشعبي بدأ الناس في درعا بالاحتجاجات التي توسعت لتشمل مدنًا أخرى مع رفع شعارات سلمية تطالب بالكرامة والحرية في 18 أذار 2011 أطلق الأمن الرصاص على المتظاهرين في درعا وسقط أول شهداء الثورة مما زاد التضامن الشعبي وانتشار المظاهرات
التصعيد والعنف:
من أبرز الأحداث المأساوية كان تعذيب وقتل الطفل حمزة الخطيب الذي صدم السوريين وأشعل مزيدًا من الغضب الشعبي توسعت المظاهرات إلى جميع أنحاء البلاد وصارت الشعارات تعبر عن وحدة الشعب ضد القمع لكن النظام رد بعنف متزايد مستخدمًا الرصاص والاعتقالات والتعذيب
لحظة اللاعودة:
تحولت حادثة درعا إلى نقطة اللاعودة حيث كسر الشعب حاجز الخوف وبدأت الثورة تأخذ زخمًا أكبر استمرت المظاهرات رغم القمع الوحشي وأصبحت الجرائم المرتكبة من النظام وقودًا لمزيد من الانتفاضة
- اعتصام الساعة الجديدة – حمص:
في 18 نيسان 2011 شهدت حمص أول اعتصام كبير بعد تشييع 8 ضحايا قتلوا أثناء المظاهرات
تجمع الآلاف في ساحة “الساعة الجديدة” (ساحة الحرية لاحقًا) لكن الاعتصام قُمع بعنف بعد تدخل الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري
خلف الهجوم عشرات القتلى وجُرّفت جثثهم لإخفاء آثار المجزرة
- انتشار تدمير رموز النظام:
انتشرت في المدن السورية ظاهرة تمزيق صور بشار الأسد وحافظ الأسد وتحطيم تماثيلهما
في حماة وحمص جُنّدت فرق أمنية لحماية هذه الرموز
- الأسباب وراء تأخر دمشق وحلب:
- الأمني: تركيز أمني مشدد في المدينتين أدى إلى قمع مظاهرات الجامع الأموي في بدايات الثورة
- الديني: تخوف بعض علماء الدين من المجاهرة بمواقف معارضة باستثناء شخصيات بارزة مثل الشيخ أسامة الرفاعي
- التاريخي: تأثير عقود من القمع والخوف التي زرعها النظام
الاقتصادي: خوف التجار على تجارتهم وأموالهم من الفوضى الممكنة الحدوث في حال سقوط النظام
- الأمني: تركيز أمني مشدد في المدينتين أدى إلى قمع مظاهرات الجامع الأموي في بدايات الثورة
- المظاهرات في الجامعات:
وصلت الاحتجاجات إلى جامعات دمشق وحلب مما مثل تطورًا كبيرًا في الثورة
استمرت محاولات الطلاب لتنظيم المظاهرات رغم القمع الأمني
- ظهور العصيان داخل الجيش:
بدأت حالات رفض إطلاق النار على المتظاهرين تظهر بين صفوف الجيش
سجلت حالات إعدام العسكريين رفضوا تنفيذ الأوامر
وقعت انشقاقات صغيرة في الجيش
أجهزة الأمن السورية ودورها في القمع
في عهد بشار الأسد اتسمت الأجهزة الأمنية في سوريا بنظام قمعي مركزي يعزز السيطرة على كافة جوانب الحياة السياسية والاجتماعية اعتمدت هذه الأجهزة المتمثلة في فروع المخابرات المتعددة مثل المخابرات العامة والجوية والعسكرية على التجسس الواسع النطاق والاعتقالات التعسفية والتعذيب الممنهج لقمع المعارضة وإسكات الأصوات المعارضة كما لعبت دورًا رئيسيًا في ترسيخ حكم النظام من خلال فرض حالة من الخوف والترهيب في المجتمع مع تزايد سلطاتها وتداخلها في حياة المواطنين مما جعلها أداة رئيسية لتثبيت السلطة ومواجهة أي تحركات شعبية أو مطالب بالإصلاح
الإجراءات القمعية في الثورة:
شهدت الثورة السورية في شهورها الأولى توسعاً كبيراً رغم القمع الشديد بينما استجابت بعض المدن مثل درعا وحمص بقوة تأخرت دمشق وحلب بسبب التركيز الأمني والقمع التاريخي تميزت المرحلة الأولى أيضاً بظهور المجازر المروعة التي استهدفت المدنيين وأعطت صورة واضحة عن طبيعة النظام القمعية
تعمد بشار الأسد ارتكاب مجازر مروعة بحق المدنيين كوسيلة لإخماد الثورة الشعبية التي اندلعت ضده عام 2011 استخدمت قوات النظام بمساندة المليشيات الحليفة أساليب وحشية مثل القصف العشوائي بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والحصار المطبق على المناطق الثائرة وارتكاب مجازر جماعية لترهيب السكان وإضعاف الدعم الشعبي للثورة هذه المجازر لم تكن مجرد ردود فعل عشوائية بل جزءًا من استراتيجية متعمدة لإرهاب الشعب وتفكيك النسيج الاجتماعي ودفع المعارضين إلى الاستسلام أو النزوح مما ساهم في تعميق الأزمة الإنسانية في سوريا
- مجزرة الحولة (أيار 2012): قتل أكثر من 100 شخص بينهم عدد كبير من الأطفال على يد قوات النظام ومليشيات موالية في بلدة الحولة بريف حمص
- مجزرة التريمسة (يوليو 2012): قتل أكثر من 200 شخص في بلدة التريمسة بريف حماة باستخدام القصف والمدفعية الثقيلة
- مجزرة الكيماوي في الغوطة (أب 2013): استخدام الأسلحة الكيميائية (غاز السارين) في ريف دمشق مما أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص معظمهم أطفال ونساء
- مجزرة داريا (أب 2012): قُتل حوالي 700 مدني بعد اجتياح قوات النظام المدينة وتصفية الأهالي
- مجزرة خان شيخون (شباط 2017): هجوم بغاز السارين على مدينة خان شيخون في إدلب أدى إلى مقتل أكثر من 80 شخصًا
- مجزرة دوما (2018): هجوم بالأسلحة الكيميائية على مدينة دوما في الغوطة الشرقية تسبب بمقتل عشرات المدنيين
- مجزرة بابا عمرو (2012): قصف مكثف على حي بابا عمرو في حمص أدى إلى مقتل المئات وتشريد الآلاف
- مجزرة التضامن (2013): توثيق إعدام جماعي بحق عشرات المدنيين في حي التضامن بدمشق على يد قوات النظام
- مجزرة سجن صيدنايا: إعدام آلاف المعتقلين بشكل ممنهج داخل السجن عبر التعذيب والتصفية الجسدية
- مجزرة قصف المدارس والمستشفيات: استهداف ممنهج للمدارس والمستشفيات خاصة في حلب وإدلب مما أسفر عن مقتل مئات الأطفال والمرضى
هذه المجازر هي غيض من فيض الجرائم التي ارتكبها النظام السوري وحلفاؤه خلال الثورة وأسهمت في خلق أزمة إنسانية غير مسبوقة
واستخدم بشار الأسد سياسة الحصار كأداة رئيسية لقمع الثورة السورية حيث قام بحصار العديد من المدن والبلدات التي كانت تشهد احتجاجات ضد النظام فرض الحصار على هذه المناطق لقطع الإمدادات الغذائية والطبية عنها مما أدى إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل كارثي كان الهدف من هذه السياسة إجبار المدنيين على الاستسلام أو النزوح وفي كثير من الأحيان استخدم النظام الحصار كوسيلة لإجبار الفصائل المسلحة على الانسحاب كما أدى الحصار إلى مئات الآلاف من الضحايا جراء الجوع والمرض فضلاً عن تدمير البنية التحتية والتهجير القسري للسكان
المدن المحاصرة في الثورة السورية:
- حمص: كانت حمص واحدة من أولى المدن التي واجهت القصف العنيف والحصار الشديد من قبل النظام في عدة مناطق بابا عمرو حمص القديمة وحي الوعر
- الغوطة الشرقية (ريف دمشق): تعرضت الغوطة لعدة حصارات شديدة من قبل النظام مع قصف مكثف واستخدام الأسلحة الكيميائية
- اليرموك: الحي الفلسطيني في دمشق حيث فرض النظام حصارًا على سكانه مما أدى إلى معاناة كبيرة من نقص الغذاء والدواء
- دير الزور: كانت دير الزور واحدة من أكثر المدن تضررًا من الحصار العسكري حيث عانى المدنيون من نقص حاد في الموارد الأساسية
- مضايا: تعرضت المدينة لمجاعة خانقة نتيجة حصار قوات الأسد التي منعت وصول المساعدات الإنسانية
- حلب: تعرضت حلب لحصار كبير أثناء المعارك خاصة في الأحياء الشرقية التي كانت تسيطر عليها المعارضة
تسبب الحصار في تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير حيث عانى السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والمواد الأساسية
الثورة السورية، التي بدأت عام 2011، ترافقت مع العديد من الجهود الدولية لتسوية النزاع. أهم الاتفاقات الدولية التي تناولت الثورة السورية تشمل:
1. بيان جنيف 1 (2012):
صدر عن اجتماع دولي في جنيف برعاية الأمم المتحدة.
دعا إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة تضم جميع الأطراف السورية.
ركّز على وقف العنف وبدء عملية سياسية تضمن الانتقال السلمي للسلطة.
لم يتم الالتزام بهذا البيان بشكل جاد، واستمرت الحكومة السورية باستخدام العنف.
2. اتفاقية نزع الأسلحة الكيميائية (2013):
تم التوصل إليها بوساطة روسية-أمريكية بعد استخدام الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية.
وافقت سوريا على تسليم مخزونها من الأسلحة الكيميائية والانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
تقارير دولية أكدت أن النظام استمر باستخدام أسلحة كيميائية في بعض الحالات، ما يعد انتهاكًا واضحًا.
3. القرار 2254 (2015):
أصدره مجلس الأمن الدولي لدعم خريطة طريق سياسية لحل النزاع.
نص على وقف إطلاق النار، تشكيل حكومة انتقالية، وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة.
النظام السوري لم يطبق أي خطوات فعلية نحو الانتقال السياسي.
4. المفاوضات السياسية (مسار أستانا وسوتشي):
محاولات لتحقيق توافق سياسي بين الحكومة السورية والمعارضة.
ركزت على دستور جديد ومصير العملية الانتقالية.
لم تحقق هذه المحادثات تقدمًا ملموسًا بسبب تعنت النظام.
5. اتفاقات خفض التصعيد (2017):
تم التوصل إليها في محادثات أستانا (برعاية روسيا، إيران، وتركيا).
هدفت إلى إنشاء مناطق خفض تصعيد (إدلب، الغوطة الشرقية، جنوب سوريا، شمال حمص) لتقليل القتال وحماية المدنيين.
لم يلتزم النظام السوري تمامًا، حيث استعاد هذه المناطق بالقوة العسكرية بمساعدة حلفائه.
النظام السوري بقيادة بشار الأسد لم يلتزم فعليًا بأي من هذه الاتفاقات بشكل كامل. بدلًا من ذلك، اعتمد استراتيجية عسكرية لاستعادة السيطرة على الأراضي، بدعم من روسيا وإيران. استخدم النظام القمع المفرط، بما في ذلك الأسلحة المحظورة، واستهدف المدنيين في مناطق المعارضة، مما أدى إلى استمرار المعاناة الإنسانية وتعقيد جهود التسوية السياسية.
أنواع المعارضة السورية يمكن تصنيفها كالتالي:
· المعارضة السياسية:
هي الأحزاب والجماعات السياسية التي تعارض حكم النظام السوري وتطالب بتغيير سياسي عبر وسائل ديمقراطية. تشمل هذه المعارضة الأحزاب السياسية التقليدية، مثل الأحزاب اليسارية والإسلامية، التي تسعى إلى تغيير النظام الحاكم أو إصلاحه من خلال المفاوضات أو الانتخابات. أبرز مثال هو “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”.
المعارضة الشعبية:
هي الحركات الشعبية التي انطلقت من الشوارع والساحات، مثل الاحتجاجات والمظاهرات، والتي ضمت المدنيين العاديين في مواجهة النظام. بدأت هذه المعارضة بشكل سلمي مع الثورة السورية في 2011، حيث خرج الشعب مطالبًا بالحرية والإصلاحات، وتعرضت للضغط والاعتقال من قبل السلطات.
المعارضة المسلحة:
تتألف من المجموعات المسلحة التي تحارب النظام السوري باستخدام القوة العسكرية. هذه المعارضة بدأت من مجموعات صغيرة ثم تطورت إلى فصائل أكبر مثل “الجيش السوري الحر” والجماعات الجهادية. تهدف هذه الفصائل إلى إسقاط النظام بالقوة العسكرية أو الضغط عليه من خلال المعارك.
المعارضة المدنية:
هذه المعارضة تشمل الأنشطة التي لا تستخدم العنف، مثل الاحتجاجات السلمية، الأعمال الإغاثية، والمبادرات الثقافية والتعليمية التي تهدف إلى تحفيز التغيير الاجتماعي والسياسي. يشارك فيها نشطاء حقوق الإنسان، الصحفيون، والمثقفون الذين يدافعون عن الحقوق المدنية والسياسية ويعملون على زيادة الوعي بالقضايا المختلفة.
المعارضة الخارجية:
هي الدول أو الكيانات الدولية التي تدعم المعارضة السورية من خارج البلاد. يشمل ذلك الدعم العسكري، المالي، والسياسي الذي تقدمه دول مثل تركيا، المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة. تقوم هذه الدول بتوفير الدعم للمجموعات المعارضة سواء للضغط على النظام أو لمحاولة تسريع التغيير في سوريا.
كل نوع من هذه المعارضة له أهداف وأساليب مختلفة، لكنها تشترك في رغبتها في تغيير النظام الحاكم في سوريا
المعارضة الشعبية السورية:
هي الحراك الجماهيري الذي انطلق منذ بداية الثورة السورية في أذار 2011 ضد نظام بشار الأسد معبرًا عن رفض شعبي واسع للاستبداد والقمع والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة تشكلت هذه المعارضة بشكل عفوي من مختلف شرائح المجتمع السوري وبرزت من خلال التظاهرات السلمية التي شملت معظم المدن والبلدات السورية
خصائص المعارضة الشعبية:
- التنوع المجتمعي: ضمت كافة الفئات من شباب وشيوخ ونساء ومن مختلف الخلفيات الدينية والعرقية (عرب أكراد مسيحيين وغيرهم)
- السلمية في البداية: بدأت الثورة بتظاهرات سلمية رفع فيها المتظاهرون شعارات تطالب بالإصلاح السياسي وإنهاء حكم الحزب الواحد
- اللامركزية: كانت التظاهرات تُنظم محليًا دون قيادة مركزية واضحة ما ساعد على انتشارها السريع وصعوبة قمعها بالكامل
أدوات المعارضة الشعبية:
- التظاهرات السلمية: انطلقت في درعا وانتشرت في باقي المدن السورية
- التوثيق الإعلامي: لجأت المعارضة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام البديل لنقل الحقيقة للعالم في ظل تقييد الإعلام الرسمي
- الإضرابات والعصيان المدني: مثل “إضراب الكرامة” الذي شل حركة العمل في بعض المناطق
- تنظيم التنسيقيات المحلية: شُكلت مجموعات شبابية لتنظيم المظاهرات وتنسيق الأنشطة الثورية
التحولات:
- القمع العنيف: واجه النظام المعارضة الشعبية بالقوة المفرطة ما أدى إلى اعتقالات واسعة ومجازر واستخدام الجيش ضد المدنيين
- التسليح التدريجي: مع استمرار القمع تحول جزء من المعارضة الشعبية إلى العمل المسلح عبر تشكيل الجيش السوري الحر وفصائل أخرى
- التشريد والنزوح: الملايين من المشاركين في المعارضة الشعبية أصبحوا نازحين أو لاجئين بسبب الاستهداف المباشر للمدن الثائرة
بعد حصار المدن، خرق النظام اتفاقية أستانا، وتم التوصل إلى اتفاق مع الثوار يقضي بنقلهم إلى الشمال المحرر، وتحديدًا إلى ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب. لاحقًا تمكنت المعارضة العسكرية من السيطرة على منطقة عفرين بعد معارك مع القوات الكردية، مما أدى إلى توسع مساحة المناطق المحررة.
التحديات:
- القمع الوحشي: استخدام النظام الأسلحة الثقيلة والكيميائية لقمع أي حراك شعبي
- تشويه الحراك: اتهام المعارضة الشعبية بالإرهاب نتيجة اختلاطها ببعض الفصائل المتشددة لاحقًا
- الانقسامات المجتمعية: سعى النظام لإثارة النزاعات الطائفية والعرقية لتشويه الثورة وتفكيك المعارضة
رغم التحديات تبقى المعارضة الشعبية رمزًا لنضال السوريين ضد القمع ومصدر إلهام للحركات السلمية في المنطقة حيث أظهرت تصميم الشعب السوري على المطالبة بحريته وحقوقه رغم العنف والقمع الذي واجهه
المعارضة السورية السياسية:
تمثل الأطراف والتنظيمات التي عارضت نظام بشار الأسد وسعت لتحقيق تغيير سياسي منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 تنوعت المعارضة بين تيارات سياسية وإسلامية وقومية وشخصيات مستقلة ورغم اختلاف رؤاها وأهدافها كان القاسم المشترك هو السعي لإسقاط النظام الحاكم وتحقيق انتقال سياسي أبرز مكونات المعارضة السياسية:
- المجلس الوطني السوري (2011): تأسس ليكون المظلة السياسية الأولى للثورة وضم شخصيات من تيارات مختلفة لكنه واجه تحديات في التوحيد بين الأطراف المختلفة
- الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية (2012): تأسس كإطار جامع للمعارضة وضم أحزابًا وشخصيات سياسية حصل على اعتراف دولي واسع كممثل شرعي للشعب السوري
- هيئة التفاوض السورية: انبثقت عن مؤتمر الرياض (2015) لتوحيد المعارضة وإدارة المفاوضات مع النظام تحت إشراف الأمم المتحدة
- تيارات وأحزاب مستقلة:
- إعلان دمشق: تيار معارض قديم تأسس عام 2005 يضم شخصيات ليبرالية وقومية
- الإخوان المسلمون: جزء من المعارضة السياسية منذ عقود وكان لهم دور بارز في بدايات الثورة
- أحزاب كردية: مثل المجلس الوطني الكردي الذي ركز على حقوق الأكراد في إطار سوري موحد
- إعلان دمشق: تيار معارض قديم تأسس عام 2005 يضم شخصيات ليبرالية وقومية
التحديات:
- الانقسامات الداخلية: بسبب تباين الأيديولوجيات والأجندات السياسية
- ضعف التمثيل داخل سوريا: نتيجة القمع والتضييق من قبل النظام
- التدخلات الخارجية: تأثر المعارضة بالضغوط الإقليمية والدولية مما أثر على وحدتها واستقلال قرارها
رغم هذه التحديات ظلت المعارضة السياسية جزءًا أساسيًا من الحراك السوري سواء في المفاوضات الدولية أو في إبراز معاناة الشعب السوري أمام المجتمع الدولي
المعارضة العسكرية في الثورة السورية
تمثلت في الفصائل والجماعات المسلحة التي تشكلت لمواجهة النظام السوري بعد استخدامه العنف المفرط لقمع الاحتجاجات السلمية تطورت هذه المعارضة بشكل تدريجي وتنوعت من حيث التوجهات والأهداف فيما يلي أبرز مكوناتها:
1 الجيش السوري الحر:
تأسس عام 2011 من منشقين عن الجيش السوري
مثّل أول محاولة منظمة للعمل العسكري ضد النظام
ركّز على حماية المتظاهرين ومواجهة قوات النظام
تميز بتوجهات وطنية غير أيديولوجية
2 الفصائل الإسلامية المعتدلة:
مثل حركة أحرار الشام الإسلامية وفيلق الشام
جمعت بين الطابع الإسلامي والتوجه الوطني
عملت في إطار المعارضة المسلحة مع تجنب المأذارات المتشددة
3 الفصائل الإسلامية المتشددة:
مثل جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) وتنظيم داعش
ظهرت بشكل بارز بعد 2012
ركزت على إنشاء إمارات إسلامية وتطبيق أيديولوجيات متشددة
4 الفصائل الكردية المتشددة:
وحدات حماية الشعب: القوة المسلحة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي
ركزت على الدفاع عن المناطق الكردية وإنشاء إدارة ذاتية في الشمال
5 الفصائل المحلية:
جماعات صغيرة تشكلت في المناطق الريفية والمدن الثائرة للدفاع عن الأحياء ومواجهة قوات النظام
غالبًا ما كانت تعتمد على الدعم المحلي وتفتقر إلى التنظيم المركزي
6 التجمعات الكبرى:
- جيش الإسلام: جماعة إسلامية بارزة تمركزت في الغوطة الشرقية
- حركة نور الدين الزنكي: فصيل عسكري عمل في حلب وريفها
- الجبهة الجنوبية: تجمع عسكري نشط في جنوب سوريا
7 القوى المدعومة دوليًا:
- قوات سوريا الديمقراطية: تحالف متعدد الأعراق بقيادة الأكراد دعمته الولايات المتحدة لمواجهة داعش
بعض فصائل الجيش الحر التي تلقت دعمًا من تركيا أو دول الخليج
التحديات التي واجهتها المعارضة العسكرية:
- الانقسامات الداخلية: تعدد الفصائل واختلاف الأيديولوجيات والأهداف
- نقص الموارد: محدودية الدعم مقارنة بقوة النظام وحلفائه
- تأثير التدخلات الخارجية: تضارب أجندات الدول الداعمة للفصائل
- صعود الجماعات المتشددة: تشويه صورة المعارضة وإضعاف وحدتها
لعبت المعارضة العسكرية دورًا كبيرًا في مقاومة النظام لكنها واجهت صعوبات في التنسيق والتنظيم مما أثر على قدرتها على تحقيق أهدافها في ظل تدخلات دولية وإقليمية معقدة
هيئة تحرير الشام: التأسيس والتطور
السياق السياسي والعسكري قبل التأسيس
شهدت المعارضة السورية خلافات متزايدة بين الفصائل تفاقمت بسبب المواقف المتباينة من التعاون مع جبهة النصرة التي صنفت إرهابية هذه الانقسامات تعمقت مع اتفاق أمريكي-روسي عام 2016 لتنسيق الجهود ضد النصرة
في يوليو/تموز 2016 أعلنت جبهة النصرة فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتشكيل جبهة فتح الشام لكنها ظلت على قوائم الإرهاب لاحقًا أدى رفض بعض الفصائل المشاركة في محادثات أستانا إلى مواجهات عسكرية مهّدت لتشكيل الهيئة
النشأة والتأسيس
هيئة تحرير الشام هي تكتل عسكري سوري نتج عن اندماج خمسة فصائل هي: جبهة فتح الشام وحركة نور الدين زنكي لواء الحق جبهة أنصار الدين وجيش السنة في جسم موحد تم الإعلان عنه في 28 كانون الثاني/كانون الثاني 2017 لاحقًا انضمت لها كتائب وألوية وشخصيات دعوية جاءت الهيئة لمواجهة ما وصفته بـ”المؤامرات على الثورة السورية” وسط تراجعات عسكرية كبيرة للمعارضة أبرزها سقوط حلب
التوجه الأيديولوجي
الهيئة لم تعلن عن أيديولوجية محددة مشيرة إلى أنها كيان مستقل يهدف لإسقاط النظام السوري وتحرير الأراضي أكدت أنها تمثل مرحلة جديدة تطوي الخلافات وتعيد الانتصارات للثورة
التصنيف كمنظمة إرهابية
في أذار/آذار 2017 صنفت الولايات المتحدة الهيئة كمنظمة إرهابية تلتها تركيا في نفس العام واعتبرت الهيئة جزءًا من التنظيمات التي ترتكب انتهاكات خطيرة وفق اتهامات دولية
محطات بارزة
- 2017: هجمات ضد فصائل معارضة مثل جيش المجاهدين وصقور الشام والسيطرة على معبر باب الهوى بعد مواجهات مع أحرار الشام
- 2019: صراع مع حركة نور الدين زنكي أدى إلى طردها إلى ريف حلب الشمالي ثم القضاء على بقايا أحرار الشام في ريف حماة
- 2020: مواجهات مع تنظيم “حراس الدين” انتهت بتفكيك قواعده وتعزيز سيطرة الهيئة
غرفة عمليات “الفتح المبين”
تأسست عام 2019 لتنسيق العمليات العسكرية في شمال سوريا أطلقت الهيئة عبرها عمليات كبرى مثل “ولا تهنوا” ضد قوات النظام في 2024 أُعلن عن “إدارة العمليات العسكرية” بعد معركة “ردع العدوان” في خطوة لتعزيز النفوذ العسكري
التوسع والنفوذ
منذ تأسيسها ركزت الهيئة على بسط سيطرتها في شمال سوريا عبر مواجهة الفصائل المنافسة والسيطرة على موارد اقتصادية ومناطق استراتيجية لتصبح القوة المهيمنة في المنطقة
إدارة العمليات العسكرية و”ردع العدوان”
في محافظة إدلب أطلقت الفصائل المسلحة عملية “ردع العدوان” تحت إدارة العمليات العسكرية وهي تضم مجموعة من فصائل بارزة مثل:
- هيئة تحرير الشام: أكبر فصيل في المنطقة تشكل من اندماج خمس فصائل ويعارض المفاوضات في إطار أستانا
- الجبهة الوطنية للتحرير: اتحاد فصائل معارضة في إدلب أعلن عنه في 2018 في ظل تهديدات الجيش
- حركة أحرار الشام: تأسست عام 2011 تهدف لإسقاط نظام الأسد وبناء دولة إسلامية
في 28 تشرين الثاني سيطرت المعارضة على مناطق استراتيجية منها الفوج 46 وخان العسل وقطعت الطريق الدولي “حلب-دمشق” تسببت العمليات في مقتل قيادي إيراني بارز في الحرس الثوري في اليوم التالي أحرزت المعارضة تقدمًا أكبر ووصلت إلى حدود مدينة حلب
في 29 تشرين الثاني أعلنت المعارضة دخول أول أحياء حلب وسيطرتها على مناطق مهمة بما فيها بلدة كفر حلب ومدينة سراقب في المقابل أكدت الحكومة السورية وصول تعزيزات لملاقاة الهجوم
بحلول 30 تشرين الثاني و1 كانون الأول تقدمت فصائل المعارضة في حلب الغربية والشرقية واستطاعت السيطرة على قواعد استراتيجية ومواقع عسكرية وفي 2 كانون الأول توسعت العمليات لتشمل محافظة حماة
مع استمرار الهجوم في كانون الأول تمكنت المعارضة من السيطرة على مدن حماة وحمص وواصلت تقدمها نحو دمشق تزامنًا مع تصاعد المواجهات في ريف حمص سيطرت المعارضة على معبر نصيب الحدودي وفرضت حظر تجول في المناطق الخاضعة لسيطرتها
في 7 كانون الأول أعلنت المعارضة تحرير مدن رئيسية مثل درعا وحمص بالكامل وفي 8 كانون الأول الرابعة فجرا توغلت المعارضة في دمشق وفرضت سيطرتها على مؤسسات هامة في حين أعلنوا إسقاط نظام الأسد
إجمالًا نجحت المعارضة في تنفيذ سلسلة من الهجمات المنظمة مما ساهم في تغييرات ميدانية هامة في مختلف المناطق السورية
عوامل ساعدت على النصر:
- انهيار الدولة السورية اقتصاديًا واجتماعيًا وفقدانها للقاعدة الشعبية التي كانت تحميها:
تعاني سوريا من انهيار اقتصادي واجتماعي حاد بسبب الحرب المستمرة منذ 2011 تدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير مما أثر على حياة المواطنين وتسببت البطالة والفقر في فقدان النظام لدعمه الشعبي الذي كان يعتمد عليه للبقاء في السلطة
- الحرب الروسية على أوكرانيا:
الحرب الروسية ضد أوكرانيا بدأت في 2022 ولها تأثيرات عالمية كبيرة بما في ذلك في سوريا روسيا التي تدعم النظام السوري أصبحت مشغولة في حربها في أوكرانيا مما أثر على قدرتها على تقديم الدعم الكامل لسوريا
- طوفان الأقصى والضربات التي وجهتها إسرائيل لحزب الله والضربات على مناطق عسكرية في سوريا:
“طوفان الأقصى في المقابل ردت إسرائيل بقصف مواقع لحزب الله في لبنان وسوريا الضربات الإسرائيلية كانت تستهدف مواقع عسكرية في سوريا مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة
- انسحاب التدخلات الدولية على الفرق العسكرية في المعارضة:
التدخلات الدولية مثل دعم بعض الدول للمعارضة السورية بدأت تتراجع تدريجيًا هذه الدول قللت من دعمها للفرق العسكرية للمعارضة للنظام السوري مما أثر على فعالية هذه الفرق في مواجهة النظام